بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: ٤٨]. وهم مع إعراضهم يصدون عن سبيل الله وَيَدَّعُونَ أنهم يقصدون التوفيق بين المسلمين وغيرهم، فهم كما قال الله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا}[النساء: ٦١ - ٦٣].
وهم يعلمون أن القوانين الوضعية ليست إلا أهواء الناس وشهوات الأحزاب، ونزوات الحكام. ولكنهم يجهلون أن الله نهى عن اتباع الهوى وَحَمْلِ الناس عليه لأنه ضلال وإضلال عن سبيل الله {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[ص: ٢٦]. {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}[القصص: ٥٠].
وهم يظنون أن هذه القوانين الفاسقة الضالة هي السبب في تقدم الأوروبيين وقوتهم، وهو ظن لا يقوم على ذرة من الحق والصدق، فتلكم هي نفس القوانين التي كانت لهم يوم ظهر الإسلام فأخرجهم مما كانوا يملكون، ويوم تألب عليه الصليبيون فردهم على أعقابهم خاسرين، ويوم سيطر على أوروبا فأعطاه أهلها الجزية صاغرين، وما كان لمسلم حاكم أو غير حاكم أن يدع أمر الله ويتبع الظن {إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦]. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}[الأنعام: ١١٦].