وما على المسلم أن يكون أكثر الناس مخالفين له، فإن الحق ليس في اتباع الكثرة ولا في طاعتها، ولكن في طاعة الله {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا}[يونس: ٣٦]. {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام: ١١٦].
والمسلم مقيد بأوامر الله، ليس له أن يحيد عنها، وليس له أن يعمل حسابًا لأهواء الناس وأعداء الإسلام {وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}[الشورى: ١٥].
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}[الحجر: ٩٤]. وليس له أن يخشى الناس فإنما الخشية لله ومن الله {فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}[المائدة: ٤٤]. وإذا كان حكامنا يحفظون قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] فعليهم أن يحفظوا بقية الآية {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: ٥٩].
وإذا كان هذا هو حكم الله، فكيف يطمع الحكام أن يطيعهم المسلمون في معصية الله وفيما حَرَّمَهُ اللهُ من اتباع الهوى وطاعة الطواغيت وقوانين الكفر والضلال! وقد أوجب الله أن يستجيبوا له ولرسوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: ٢٤]، وجعل من شيمة المسلم أن يسمع ويطيع أمر الله ورسوله:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[النور: ٥١].