لقد خرجت إنجلترا من الحرب في سنة ١٩٤٥م مدينة لمصر وحدها بحوالي خمسمائة مليون من الجنيهات، ذلك الدََّيْنُ الذي يسمى بالأرصدة الاسترلينية، أَفَتَرَى مصر كانت في غِنى عن هذا المبلغ الضخم حتى أقرضته إنجلترا؟ وهل استقرضت إنجلترا مصر فأقرضتها هذا المبلغ؟ لا هذا ولا ذاك والله! وإنما هو الاستغلال والغصب والسرقة على عين القانون وفي حمايته.
إن القانون المصري يبيح للانجليز أن يستغلوا المصريين، وأن يغصبوهم أموالهم ويسرقوا اللقمة من أفواههم وبمعاونة القانون استطاع الإنجليز الحصول على الأرصدة الاسترلينية، ويستطيعون إذا شاءوا أن يحصلوا على أكثر منها.
إن القانون المصري يبيح للبنك الأهلي (وهو في أصله مؤسسة انجليزية) إصدار النقود الورقية المصرية في مقابل رصيد من سندات الخزانة الانجليزية بدلا من الرصيد الذهبي، فليس على الإنجليز إذا ما أرادوا أن يسلبونا أموالنا إلا أن يستعينوا بقانوننا الذِي وُضِعَ لمصلحتهم فيعطوا البنك الأهلي سندات على الخزانة الانجليزية ليأخذوا ما شاءوا من الأموال المصرية، وما على القانون والقائمين عليه أن يجوع المصريون إذا شبع الإنجليز، وأن تفتقر مصر وتتأخر إذا ما أثرت إنجلترا وسادت.