وانتهت الحرب في سنة ١٩٤٥م وبدأنا نطالب بسداد هذا الدين الضخم الذي لو كان في يد مصر لخلقها خلقًا جديدًا، ولكن إنجلترا أخذت تراوغنا، ويطلب بعض زعمائها أن نتنازل لها عما غصبته منا مقابل حمايتها لنا أيام الحرب، كأنما كنا طلبنا منها أن تحمينا، أو أن تبقى لحظة واحدة في بلادنا، أو كأنما كانت الحرب معلنة منا أو علينا.
وأهم ما في الموضوع أننا لم نتعلم بعد، فلا يزال القانون هو القانون، ولا يزال الإنجليز يأخذون أموالنا في مقابل سندات لا نستطيع أن نحملهم على دفع قيمتها، فأي قانون هذا وأي رجال يقومون عليه؟!
إن الإنجليز يسرقون ما نحن في أشد الحاجة إليه من طعامنا ولباسنا، وينهبون في كل صباح ما في أسواقنا من بقول وخضر وفواكه ولحوم، ولا يتركون لنا إلا القليل الذي ترفع الحاجة إليه سعره، فلا يناله إلا القادرون عليه، ويبقى الفقراء وأوساط الناس طاوين، يتحلب ريقهم على ما في أيدي الإنجليز والقادرين من المصريين، وإن الإنجليز ليستولون باستمرار على كل ما في أسواقنا من حديد وخشب وأسمنت وغير ذلك من المواد النافعة، ليقيموا بها منشآت لجنودهم، وبيوتًا فخمة لضباطهم، وكل هذا يأخذونه بلا ثمن يدفعونه من أموالهم، وبلا مقابل إلا سندات الخزانة الإنجليزية التي تتجمد كل يوم أرصدة يستحلون عدم