للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث: وسطيّةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة

أولاً: أهل السنة وسط في باب صفات الله - عز وجل - بين أهل التعطيل وأهل التمثيل: قال الله - عز وجل -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} فأهل الإسلام وسط بين الملل، وأهل السنة وسط بين الفرق المنتسبة إلى الإسلام، فهم وسط بين أهل التعطيل الذين ينفون صفات الله - عز وجل - وبين أهل التمثيل الذين أثبتوها وجعلوها مماثلة لصفات المخلوقين. فأهل السنة أثبتوا صفات الله إثباتًا بلا تمثيل، وينزِّهون الله - عز وجل - عن مشابهة المخلوقين تنزيهًا بلا تعطيل، فجمعوا بين التنزيه والإثبات وقد ردَّ الله على الطائفتين بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رَدٌّ على المشبهة، {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ردّ على المعطّلة (١).

ثانياً: أهل السنة وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية: فالجبرية: الذين هم أتباع جهم بن صفوان يقولون: إن العبد مجبور على فعله كالرِّيشة في مهب الريح، والقدرية الذين هم المعتزلة أتباع معبد الجهني ومن وافقهم قالوا: إن العبد هو الخالق لأفعاله دون مشيئة الله وقدرته، وهدى الله أهلَ السنة والجماعة لأن يكونوا وسطًا بين هاتين الفرقتين فقالوا إن الله هو الخالق للعباد وأفعالِهِم، والعبادُ فاعلون حقيقة ولهم قدرة على أعمالهم، والله خالقهم وخالق أعمالهم وقدراتهم {وَالله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٢)،وأثبتوا للعبد مشيئة واختيارًا تابعين لمشيئة الله


(١) انظر: شرح العقيدة الواسطية للهراس، ص١٢٦،والكواشف الجلية عن معاني الواسطية، لعبد العزيز بن سلمان، ص٤٩٤، وشرح العقيدة الواسطية للكاتب، ص٤٩.
(٢) سورة الصافات، الآية: ٩٦.

<<  <   >  >>