للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهم من التابعين. قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صُلِّيَ فيه جماعة، وبه يقول أحمد وإسحاق)) (١). وهذا هو الصواب؛ لعموم الأدلة الدالة على أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة؛ ولحديث أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - وفيه: ((وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى)) (٢). ومن قال: إن فضل الجماعة يختص بالجماعة الأولى فعليه الدليل المخصص، ومجرد الرأي ليس بحجة (٣)، وقد ثبت عن أنس - رضي الله عنه - أنه جاء ذات يوم والناس قد صلوا، فجمع أصحابه فصلى بهم جماعة (٤). والمقصود أن الجماعة الثانية


(١) قال الترمذي: ((وقال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى، وبه يقول سفيان، وابن المبارك، ومالك، والشافعي، يختارون الصلاة فرادى)).سنن الترمذي، الحديث رقم ٢٢٠.
(٢) أبو داود، برقم ٥٥٤، والنسائي، برقم ٨٤٣، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود،١/ ١١٠،وفي سنن النسائي،١/ ١٨٣،وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.
(٣) مجموع فتاوى الإمام ابن باز، ١٢/ ١٦٦.
(٤) البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، قبل الحديث رقم ٦٤٥، في ترجمة الباب، ولفظه: ((وجاء أنس إلى مسجدٍ قد صُلِّيَ فيه فأذَّن وأقام وصلى جماعة)) قال ابن حجر في فتح الباري، ٢/ ١٣١: ((وصله أبو يعلى في مسنده، من طريق الجعد أبي عثمان))، قال: مر بنا أنس بن مالك في مسجد بني ثعلبة، فذكر نحوه، قال: وذلك في صلاة الصبح، وفيه: ((فأمر رجلاً فأذن وأقام، ثم صلى بأصحابه))، وفي رواية ابن أبي شيبة، من طرق عن الجعد، والبيهقي من طريق أبي عبد الصمد عن الجعد نحوه، وقال: مسجد بني رفاعة، وقال: ((فجاء أنس في نحو عشرين من فتيانه)) قال الحافظ ابن حجر: ((وهو يؤيد ما قلنا من إرادة التجميع في المسجد))، فتح الباري، ٢/ ١٣١.

<<  <   >  >>