أولاً: اختلفوا في جوازه من طلوع الفجر إلى الزوال على خمسة أقوال: القول الأول: الجواز، وهو قول أكثر العلماء، كعمر بن الخطاب، والزبير بن العوام، وأبي عبيدة، وابن عمر، والحسن، وابن سيرين، والزهري، وأبي حنيفة، ومالك في المشهور عنه، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل في المشهور عنه، وهو القول القديم للشافعي، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم. القول الثاني: المنع منه، وهو قول الشافعي في الجديد، ورواية عن أحمد، ورواية عن مالك. القول الثالث: جواز السفر للجهاد دون غيره، وهو رواية عن أحمد. القول الرابع: جواز السفر الواجب دون غيره، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي من الشافعية، ومال إليه إمام الحرمين. القول الخامس: جواز سفر الطاعة واجباً كان أو مسنوناً، وهو قول كثير من الشافعية، وصححه الرافعي. ثانياً: اختلفوا في جواز السفر يوم الجمعة بعد الزوال، فذهب أبو حنيفة والأوزاعي إلى جوازه كسائر الصلوات، وقال عامة العلماء بعدم جوازه وفرقوا بين الجمعة وغيرها. والصواب في ذلك إن شاء الله تعالى أن السفر يوم الجمعة لا يجوز بعد الأذان الذي بعد دخول وقت الجمعة إلا أن يخشى حصول مضرة من تخلفه للجمعة: كالانقطاع عن الرفقة التي لا يتمكن من السفر إلا معها، وما شابه ذلك من الأعذار، وقد جاز التخلف عن الجمعة لعذر المطر الشاق فجوازه لما كان أدخل في المشقة منه أولى. وكذلك يجوز السفر بعد الزوال إذا تيقن أن يأتي بصلاة الجمعة في طريقه في مسجد آخر، والله أعلم. انظر: نيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٤٩٢ - ٤٩٣، وزاد المعاد لابن القيم، ١/ ٣٨٢ - ٣٨٥، والمغني لابن قدامة، ٣/ ٢٤٧ - ٢٤٨، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، ٥/ ١٨٢، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، ٢/ ٤٣٠.