للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الدين يسر، ولن يشادَّ الدين أحدٌّ إلا غلبه (١)، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا: بالغدوة، والروحة، وشيء من الدُّلجة (٢) [القصد القصد (٣) تبلغوا))] (٤).


(١) ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه: المعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيُغلَب، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة؛ فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن خرجت الشمس فخرج وقت الفريضة. فتح الباري للحافظ ابن حجر، ١/ ٩٤.
(٢) الغدوة: أول النهار، والروحة: آخر النهار بعد الزوال، والدلجة السير آخر الليل، وقيل: سير الليل كله، وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب مسافرًا إلى مقصد، فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنه المداومة من غير مشقة، وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة. فتح الباري لابن حجر، ١/ ٩٥.
(٣) القصد، القصد: بالنصب فيهما الإغراء، والقصد: الأخذ بالأمر الأوسط، فالأولى للعبد أن لا يجهد نفسه بحيث يعجز عن العمل وينقطع، بل يعمل بتلطف وتدرج ليدوم عمله ولا ينقطع. فتح الباري للحافظ ابن حجر، ١/ ٩٥.
(٤) البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، برقم ٣٩، وما بين المعقوفين من كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، برقم ٦٤٦٣.

<<  <   >  >>