للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى مِنىً، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: ((خذ))، وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس))، وفي رواية: ((ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر)) (١)، فقال: ((احلق)) فحلقه، فأعطاه أبا طلحة فقال: ((اقسمه بين الناس)) (٢).

وكان الصحابة يتبركون بثياب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواضع أصابعه، وبماء وضوئه، وبفضل شربه، وهو كثير (٣)، ويتبركون بالأشياء المنفصلة منه: كالشعر، والأشياء التي استعملها وبقيت بعده: كالثياب، والآنية، والنعل، وغير ذلك مما اتصل بجسده - صلى الله عليه وسلم - (٤).

ولا يقاس عليه غيره - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه لم يؤثر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - أو غيرهم، ولم ينقل أن الصحابة - رضي الله عنهم - فعلوا ذلك مع غيره لافي حياته ولا بعد مماته، ولم يفعلوه مع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولا مع الخلفاء الراشدين المهديين، ولا مع العشرة المشهود لهم بالجنة، قال الإمام الشاطبي رحمه الله: ((الصحابة - رضي الله عنهم - بعد موته عليه الصلاة والسلام، لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، إذ لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -،


(١) أي: ناول الحلاق.
(٢) مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق، ٢/ ٩٤٧، برقم ١٣٠٥.
(٣) انظر: التبرك، أنواعه وأحكامه، للدكتور الجديع، ص ٢٤٨ - ٢٥٠.
(٤) انظر: التبرك، أنواعه وأحكامه، للدكتور الجديع، ص ٢٥٢ - ٢٦٠.

<<  <   >  >>