عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقدر الثمانين سنة لأنه - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - توفي بعد مضي عشر من الهجرة, وهذا يدل على تقدم أبي حنيفة وإدراكه زمان العرب, وهو أقدم الأئمة وأكبرهم سِنًّا, فهذا مالك على تقدمه توفّي بعده بنحو ثلاثين سنة, ولا شك أن تغير اللسان في ذلك الزمان كان يسيرًا, وأنه لم يشتغل في ذلك الزمان بعلم اللغة وفن الأدب أحد من مشاهير العلماء المتبوعين المعتمد عليهم في التقليد, لعدم مسيس الحاجة إلى ذلك في ذلك العصر كما أشار إلى ذلك أبو السعادات ابن الأثير في ديباجة كتابه:" النهاية " , وكما لا يخفي ذلك على من له أنس بعلم التّاريخ.
فلو أوجبنا قراءة علم العربية في ذلك الزمان على المجتهد لم نقتصر على أبي حنيفة, ولزم أن لا يصح احتجاج علماء العربية بأشعار جرير والفرزدق, وهذا ما لم يقل به أحد, وإنما اختل اللسان الاختلال الكثير في حق بعض الناس بعد ذلك العصر, وقد سلم من تغير اللسان من لم يخالط العجم في الأمصار من خلص العرب, وأدرك الزمخشري كثيرًا منهم ممن لزم البادية, وأكثر ما أسرع التغير إلى العامة ومن لا تمييز له.
وقد قال الأمير العالم الحسين بن محمد في كتاب " شِفَاءُ الأُوَامِ ": إن الإمام يحيى بن الحسين - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان عربي اللسان حجازي اللغة من غير قراءة, وروى عَلاَّمَةُ الشيعة علي بن عبد الله بن أبي الخير