للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَعَالَى: {وَخذ بِيَدِك ضغثا فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} ، وَمَا أبعد الْقيَاس بَين الْحِنْث وَبَين إبِْطَال الشَّرْع، وَلَا شكّ أَن بذلك صَار الْمُسلمُونَ كَأَنَّهُمْ لَا شرع لَهُم. وَقد غضب الله على الْيَهُود لتحيلهم على صيد السبت فَقَط. وَنحن نجوز ألف حِيلَة مثلهَا بضرورة وَبلا ضَرُورَة.

بِنَاء عَلَيْهِ، من الْحِكْمَة أَن نلتمس للضرورات أحكاما اجتهادية، فيأمر بهَا الإِمَام إِن وجد وَإِلَّا فالسلطان ليرتفع الْخلاف، فتعمل بهَا الْأمة مَا دَامَ الْمُقْتَضى بَاقِيا. فَإِذا ألجأ الزَّمَان إِلَى تبديلها بقول اجتهادي آخر فَكَذَلِك يَأْمر بِهِ الإِمَام أَو السُّلْطَان رفعا للْخلاف. وبمثل هَذَا التَّدْبِير الَّذِي لَا يأباه شرعنا وَلَا تنافيه الْحِكْمَة نستعوض تِلْكَ الْحِيَل المعطلة للشَّرْع، الْمسلمَة لترقيعات كل فَقِيه ومتفقه، بِأَحْكَام شَرْعِيَّة إيجابية لازيغ فِيهَا.

وَبِنَحْوِ ذَلِك يسلم شرعنا من التلاعب والتضارب، ويتخلص الْقَضَاء والإفتاء من التَّوْفِيق على الْأَهْوَاء، وَحِينَئِذٍ يتَحَقَّق أَن الْخلاف فِي الْفُرُوع رَحمَه. وَالْحَاصِل انه يَقْتَضِي على عُلَمَاء الْهِدَايَة أَن يقاوموا فكر التعصب لمَذْهَب دون آخر، فَيكون سَعْيهمْ هَذَا منتجاً للتأليف وَجمع الْكَلِمَة فِي الْأمة.

<<  <   >  >>