للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على شمَالي أوروبا غارات التّرْك على شرقها، فَكَذَلِك لَيست من نوع الْجِهَاد وَلَا من الحروب الدِّينِيَّة، وَإِنَّمَا هِيَ من ملحقات غارات البرابرة الشماليين على أوروبا. ويجدون انهم كَمَا أَغَارُوا على أوروبا أَغَارُوا على الْبِلَاد الإسلامية، ثمَّ اسْلَمْ التاتار وَحسنت أَخْلَاقهم.

أما التّرْك، فَإِذا دقق الأوربيون سياستهم، يجدونهم لَا يقصدون بالاستناد للدّين غير التلاعب السياسي وقيادة النَّاس إِلَى سياستهم بسهولة، وإرهاب أوروبا باسم الْخلَافَة وَاسم الرَّأْي الْعَام. وَعدم اشْتِرَاك الْبِلَاد الْعَرَبيَّة فِي المذابح الأرمنية الْأَخِيرَة، برهَان كَاف على أَن الإسلامية بمعزل عَن المجافاة، لِأَن الْعَرَب يفهمون معنى الْقُرْآن فيدينون بِهِ. وَقد يندهش الأوربيون إِذا علمُوا أَن السياسة التركية لم يُوَافِقهَا أَن تترجم الْقُرْآن إِلَى اللُّغَة التركية إِلَى الْآن.

ولدى رجال السياسة دَلِيل مُهِمّ آخر على أَن أصل الإسلامية لَا يسْتَلْزم الوحشة بَين الْمُسلمين وَغَيرهم، بل يسْتَلْزم الألفة؛ وَذَلِكَ أَن الْعَرَب أَيْنَمَا حلوا من الْبِلَاد، جذبوا أَهلهَا بِحسن الْقدْوَة والمثال لدينهم ولغتهم، كَمَا أَنهم لم ينفروا من الْأُمَم الَّتِي حلت بِلَادهمْ وحكمتهم، فَلم يهاجروا مِنْهَا كعدن وتونس ومصر بِخِلَاف الأتراك، بل يعتبرون دُخُولهمْ تَحت سلطة غَيرهم من حكم الله لأَنهم يذعنون لكلمة رَبهم

<<  <   >  >>