للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّلَام كَانَ أطوع الْمَخْلُوقَات للشورى امتثالا لأمر ربه فِي قَوْله تَعَالَى: (وشاورهم فِي الْأَمر) ، حَتَّى أَنه ترك الْخلَافَة لمُجَرّد رَأْي الْأمة.

ثمَّ كَانَ أول الْخُلَفَاء رَضِي الله عَنهُ أشبه النَّاس بِهِ حَتَّى أَنه أَخذ رَأْي سراة الصَّحَابَة فِيمَن خلف؛ ثمَّ الْخَلِيفَة الثَّانِي اتبع أثر الأول، وَإِن اسْتَأْثر فِي تَرْتِيب الشورى فِيمَن يخلفه؛ ثمَّ الْخَلِيفَة الثَّالِث اجْتهد فِي مُخَالفَة رُؤَسَاء الصَّحَابَة فِي بعض الْمُهِمَّات، فَلم يستقم لَهُ الْأَمر، وَظَهَرت الْفِتَن كَمَا هُوَ مَعْلُوم؛ ثمَّ مُعَاوِيَة رَحمَه الله كَانَ قَلِيل الِاسْتِقْلَال بِالرَّأْيِ فحسنت أَيَّامه عَن قبل. وَهَكَذَا كَانَت دولة الأمويين تَحت سيطرة أهل احل وَالْعقد لَا سِيمَا من سراة بني أُميَّة، فانتظمت على عَهدهم الْأَحْوَال، كَمَا كَانَ ذَلِك كَذَلِك على عهد صدر العباسيين، حَيْثُ كَانُوا مذعنين لسيطرة رُؤَسَاء بني هَاشم، ثمَّ لما استبدوا فِي الرَّأْي وَالتَّدْبِير، فخالفوا أَمر الله وَاتِّبَاع طَريقَة رَسُول الله، ساءت الْحَال حَتَّى فقد الْملك.

هَكَذَا عِنْد التدقيق فِي كل فرع من الدول الإسلامية الْمَاضِيَة والحاضرة، بل فِي تَرْجَمَة كل فَرد من الْمُلُوك والأمراء، بل فِي حَال كل ذِي عائلة أَو كل إِنْسَان فَرد، نجد الصّلاح وَالْفساد دائرين مَعَ سنة الاستشارة أَو الِاسْتِقْلَال فِي الرَّأْي.

<<  <   >  >>