للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالنَّصَارَى، ومجوس فَارس، ووثنيو الْهِنْد والصين، ومتوحشو إفريقيا وأمريكا وَسَائِر الْبشر، كلهم كَانُوا وَلَا زَالُوا أهل فطْرَة دينية يعْرفُونَ الله، وَلَيْسَ فيهم من يُنكره كليا كَمَا قَالَ عز من قَائِل: (وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ) . ويل الْبشر، يغلب عَلَيْهِم الْإِشْرَاك بِاللَّه، فيخصصونه تَعَالَى شَأْنه بتدبير الْأُمُور الْكُلية والشؤون الْعِظَام كالخالقية وتقسيم الأرزاق والآجال، كَأَنَّهُمْ يجلونه عَن تَدْبِير الْأُمُور الْجُزْئِيَّة، ويتوهمون أَن تَحت أمره مقربين وأعوانا ووسائط من مَلَائِكَة وجن وأرواح، وَبشر وحيوانات، وَشَجر وَحجر؛ وَأَنه جعل لَهُم وللنواميس الكونية من أفلاك وطبائع، وللحالات النفسية من سحر وَتوجه فكر، دخلا وتأثيراً فِي تَدْبِير الْأُمُور الْجُزْئِيَّة إيقاعاً أَو منعا، وَأَعْطَاهُمْ شَيْئا من الْقُوَّة القدسية وَعلم الْغَيْب.

وتوهمهم هَذَا نَاشِئ عَن قياسهم ملكوت ذِي الجبروت على إدارة الْمُلُوك فِي اختصاصهم بتدبير مهمات الْأُمُور، وتفويضهم مَا دون ذَلِك للعمال والأعوان، واستعانتهم بِالْإِخْصَاءِ والخدام، وربطهم مجْرى الْأَعْمَال بالقوانين والنظامات (مرحى) .

وَمن تتبع تواريخ الْأُمَم الغابرة وأفكار الْأُمَم الْحَاضِرَة، لَا يستريب فِيمَا قَرَّرْنَاهُ من أَن آفَة الْبشر الشّرك الَّذِي أوضحناه

<<  <   >  >>