إِلَى التَّوْحِيد إِلَّا بِجهْد عَظِيم، ويندفع أَو ينقاد بِشعرِهِ إِلَى الشّرك، فيتلبس بِهِ على مَرَاتِب ودرجات فِي اعْتِقَاد وجود قُوَّة قدسية ترجى وتتقي فِي غير الله، أَو تبعا لله، ذاهلاً عَن انه لَو كَانَ فِي الأَرْض أَو فِي السَّمَاء آلِهَة غير الله، أَي أَصْحَاب قُوَّة تصرف فِي شَيْء وَلَو فِي تَحْرِيك ذرة رمل، لفسدتا.
فَالنَّاس سريعو الْأَعْرَاض عَن ذكر الله، إِلَى ذكر من يتوهمون فيهم أَنهم شُرَكَاء وأنداد الله، فيعبدونهم، أَي يعظمونهم، ويخضعون لَهُم، ويدعونهم، ويستمدون مِنْهُم، ويرفعون حاجاتهم إِلَيْهِم، ويرجون عِنْد ذكر أسمائهم الْخَيْر، ويتوقعون من سخطهم الشَّرّ، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} ، وَالله صَادِق الْوَعْد نَافِذ الحكم. وَفِي الْوَاقِع، وبالضرورة والطبع، لَا معيشة أَشد ضنكا من معيشة الْمُشْركين الَّذين وَصفهم الله عز وَجل بِأَنَّهُم لأَنْفُسِهِمْ ظَالِمُونَ، فَقَالَ: {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} ، وَقَالَ: {وَلَا يظلم رَبك أحدا} . وَهَذَا زيد بن عَمْرو بن نفَيْل، الْحَكِيم الجاهلي، ضجر من الشّرك فَقَالَ من أَبْيَات لَهُ:
(أربا وَاحِدًا أم ألف رب ... أدين إِذا تقسمت الْأُمُور)
(تركت اللات والعزى جَمِيعًا ... كَذَلِك يفعل الرجل الْخَبِير)
وَمثل الْحَيَاة الأدبية فِي الْمُوَحِّدين وَالْمُشْرِكين: كبلد سُلْطَانه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute