للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحكمة أَن الْمُسلم مهما رسخ فِي الْإِيمَان، يبْقى مُحْتَاجا إِلَى نفي الشّرك عَن فكره احتياجاً مستمراً، وَذَلِكَ لما قُلْنَا من شدَّة ميل الْإِنْسَان إِلَى الشّرك، ولشدة التباسه عَلَيْهِ ولشدة قربه مِنْهُ طبعا، فنسأل الله تَعَالَى الحماية (مرحى) .

وَمَا هَذَا خَاص بِالْمُسْلِمين، بل مَضَت الْأُمَم كلهَا، لم يكد يفارقها رسلها الْكِرَام إِلَّا وَوَقعت فِي الشّرك، كقوم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فارقهم أَرْبَعِينَ لَيْلَة فاتخذوا الْعجل (مرحى) .

ثمَّ إِذا انقلبنا فِي الْبَحْث إِلَى مَا هُوَ الشّرك فِي نظر الْقُرْآن وَأَهله لنتقيه، نجد أَن الله تَعَالَى قَالَ فِي حق الْيَهُود وَالنَّصَارَى: {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله} . مَعَ أَنه لم يُوجد من قبل وَلَا من بعد من الْأَحْبَار والرهبان من أدعى الْمُمَاثلَة، وَنَازع الله الخالقية أَو الْإِحْيَاء أَو الإماتة كَمَا يَقْتَضِيهِ انحصار معنى الربوبية عِنْد الْعَامَّة من الْإِسْلَام، حَسْبَمَا تلقوهُ من مروجي الشّرك بالتأويل وَالْإِيهَام، بل الْأَحْبَار والرهبان إِنَّمَا شاركوا الله تَعَالَى فِي التشريع الْمُقَدّس فَقَط، فَقَالُوا هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام، فَقبل مِنْهُم اتباعهم ذَلِك، فوصفهم الله أَنهم اتَّخذُوا أَرْبَابًا من دون الله.

ونجد أَيْضا أَن الله تَعَالَى سمى قُريْشًا مُشْرِكين، مَعَ أَنه وَصفهم

<<  <   >  >>