للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لكونهم اختلفوا في الحد الفاصل بين القليل والكثير. قال مالك: إن تغير لونه أو طعمه أو رائحته فهو قليل، وإن لم يتغير فهو كثير، وقال الشافعي: إذا بلغ الماء قلتين فهو كثير والقلتان عنده خمس قرب

كل قربة خمسون منًّا فيكون جملته مائتين وخمسون منًّا. وقال أصحابنا: إن كان بحال يخلص بعضه إلى بعض فهو قليل، وإن كان لا يخلص فهو كثير، فأما أصحاب الظواهر فاحتجوا بظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء" (١) واحتج مالك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته" (٢)،

وهو تمام الحديث أو بني العام على الخاص عملا الدليل (٣)، واحتج الشافعي - رضي الله عنه - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين لا يحمل خبثاً" (٤) –أي يرفع الخبث عن نفسه- وقال الشافعي: قال ابن جريج: أراد بالقلتين قلال هجر كل قربة تسع فيها قربتين وشيئاً. قال الشافعي: وشيء مجهول، فقدرته بالنصف احتياطاً، ولنا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) صحيح - أخرجه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن، والنسائي، وأحمد: (٣/ ٣١، ٨٦)، وغيرهم من حديث أبي سعيد – رضي الله عنه – به، وقال ابن حجر في التلخيص: (١/ ١٣): "صححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين".
(٢) إسناده ضعيف بهذا التمام – أخرجه ابن ماجه، والطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"، والدارقطني من طريق رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد ين سعد عن أبي أمامة رضي الله عنه به، وفي إسناده رشدين بن سعد قال عنه في «التقريب»: «ضعيف»، وفي «التلخيص»: «متروك»، والحديث ضعفه الشافعي، والدارقطني، والحافظ، وقال النووي: "اتفق المحدثون على تضعيفه"، إلا أن الإجماع منعقد على معنى هذه الزيادة.
(٣) كذا بالأصل، وفي البدائع: " بالدليلين".
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد (٢/ ١٢، ٢٦، ٣٨)، والدارمي (١/ ١٨٦ - ١٨٧)، والشافعي في «المسند» (ص٧)، وعبد بن حميد (٨١٧) (ص٢٥٩)، وابن الجارود (٤٤) (ص٢٣)، وابن خزيمة (٩٢) (١/ ٤٩)، وغيرهم من طريق محمد بن جعفر عن عبدالله، وعند بعضهم عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما به، والحديث صححه الطحاوي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والنووي، وابن حجر، وغيرهم، وأما إعلال البعض له بالاضطراب فإنما ذلك في بعض طرقه الضعيفة.

<<  <   >  >>