للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ماء البئر كله (١)، ولم يظهر أثر في الماء، وكان الماء أكثر من قلتين، وذلك بمحضر من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولم ينكر عليهما أحد فانعقد الإجماع من الصحابة على ما قلنا، وعرف بهذا الإجماع أن المراد بما رواه مالك هو الماء الكثير والجاري وبه تبين أن ما رواه الشافعي غير ثابت؛ لكونه مخالفاً

لإجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، وخبر الواحد إذا ورد مخالفاً للإجماع يرد، [يدل] (٢) عليه أن علي بن المديني قال لم يثبت هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو داود: لا يكاد يصح لواحد من الفريقين حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تقدير الماء، ولهذا رجع

أصحابنا في التقدير إلى الدلائل الحسية دون الدليل (٣) السمعية، ثم تفسير الخلوص، فاتفقت الروايات عن أصحابنا أنه يعتبر الخلوص بالتحريك، وهو أنه إن كان بحال لو حرك طرف منه بتحرك الطرف الآخر فهو ما يخلص، وإن كان لا يتحرك فهو مما لا يخلص، وإنما اختلفوا في جهة التحريك.

فروي عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يعتبر التحريك بالاغتسال من غير عنف.

وروى محمد عنه أنه يعتبر التحريك بالوضوء في رواية باليد من غير (ق٥ / أ) اغتسال ولا وضوء،


(١) أثر ابن عباس أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي عن عبدالله بن زياد عن أحمد ابن منصور عن محمد بن عبدالله الأنصاري عن هشام عن محمد بن سيرين: (أن زنجيا وقع في زمزم - يعني فمات فأمر به ابن عباس -رضي الله عنهما-فأخرج وأمر بها أن تنزح ... ) وهذا إسناد منقطع بين ابن سيرين وابن عباس كما قال ابن المديني، وابن معين، البيهقي، وغيرهم، وله طرق أخرى ضعيفة عن ابن عباس، قال النووي في المجموع (١/ ١١٦): لا أصل له روي من أوجه كلها ضعيفة. اهـ والأثر ضعفه أيضا الزيلعي في نصب الراية (١/ ١٢٩)، وابن حجر في الدراية (١/ ٦٠).
وأما اثر ابن الزبير فأخرجه أبو عبيد في "الطهور" والطحاوي في "معاني الآثار"، وابن المنذر في "الأوسط" من طريق هشيم، قال: أخبرنا منصور بن زاذان، عن عطاء أن زنجيا، مات في زمزم فأمر ابن الزبير أن ينزح حتى غلبهم الماء.
(٢) غير موجودة بالأصل، وأثبتناها من البدائع (١/ ٧٢)، والسياق يقتضيها.
(٣) كذا بالأصل، والصواب الدلائل، وكذا هي بالبدائع.

<<  <   >  >>