للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

بحرف وصوت.

وقال أهل البدع قولا كثيرا في الكلام بلغ إلى ثمانية أقوال بالإضافة إلى قول أهل السنة والجماعة، ذكرها ابن القيم رحمه الله، في مختصر الصواعق المرسلة (١) ، ونذكر منها قولين مشهورين:

القول الأول: قول الجهمية والمعتزلة وأتباعهما، يقولون: إن الله تعالى يتكلم بكلام يسمع، وبحرف، ومتى شاء، وبما شاء، ولكن ليس كلامه صفة فيه، بل كلامه مخلوق من مخلوقاته بائن منه، يخلق كلاما في الهواء أو في جهة معينة، ثم يسمع فيضاف إلى الله إضافة تشريف وخلق، كما أضاف الله إلى نفسه البيت في قوله: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) (الحج: الآية ٢٦) ، وكما أضاف إلى نفسه الناقة في قوله: (نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) (الشمس: الآية ١٣) وكما أضاف إلى نفسه المساجد في قوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (البقرة: الآية ١١٤) فيقولون: إن إضافة الكلام إليه لا لأنه تكلم به وأنه صفة من صفاته، ولكن لأنه خلق، إما الله عز وجل فمحال أن يتكلم بكلام، وإنما يخلق كلاما في غيره ثم يضيفه إليه على سبيل التشريف والتكريم والتعظيم

أما مناداة إله لموسى في قوله تعالى: (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) (مريم: الآية ٥٢) فيقولون فيها: خلق الله في جانب الطور الأيمن صوتا نادى موسى من الشجرة: (أَنْ يَا مُوسَى) (القصص: الآية ٣٠) فيزعمون أن الله خلق كلاما في الشجرة فسمعه موسى عليه الصلاة والسلام، فنقول: سبحان الله! كيف


(١) مختصر الصواعق المرسلة ٢/٤٧٢