للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

كلام النائم، أو المخرف البالغ من الكبر عتيا، لا يمكن أن نقول عنه انه كلام!

فمراد الشاعر: أن الكلام المعتبر هو الذي يكون في القلب، ثم يعبر عنه اللسان، ويدل عليه (إنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا) .

وعلى ذلك فإن الأشاعرة يخالفون أهل السنة في الكلام من وجوه:

أولاً: أنه معنى وليس بحرف وصوت.

ثانياً: أنه لازم لذات الله، ولا يتعلق بمشيئته وإرادته - وأهل السنة والجماعة يقولون: إنه متعلق بمشيئته وإرادته، فمتى شاء تكلم، ومتى شاء لم يتكلم.

وإذا قال قائل: على أي شيء بنى المعتزلة والأشاعرة قولهم؟

نقول: أما المعتزلة فبنوا قولهم على نفي الصفات عن الله؛ لأنهم ينفون صفة الكلام، وينفون أنه يتكلم. فهم يثبتون الأسماء ولا يثبتون الصفات.

وأما الأشاعرة فبنوا قولهم على امتناع قيام الحوادث بالله، وقالوا: الشيء الحادث الذي يقوم بالمشيئة لا يقوم بالله أبدا، قالوا: لأن الحادث لا يقوم إلا بحادث، فإذا قامت بالله الحوادث لزم من ذلك أن يكون حادثا، وهذا لا شك أنه خطأ.

أما مذهب المعتزلة والجهمية فظاهر خطؤه؛ لأنهم ينكرون جميع الصفات، ونحن نثبت لله جميع ما أثبته لنفسه.

وأما الأشعرية فنقول: من قال:، إن الحادث لا يقوم إلا بحادث؟! فقد يقوم الحادث بالقديم أي بالأزلي الأبدي، وهذا من كمال الله، أن يكون فعله متعلقا بمشيئته، وان يحدث من أمره ما شاء، ونقول لهم: ماذا تقولون في قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس: ٨٢)