(الحاقة: ٤١)) ، والمراد بالرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم، فأضاف الله تعالى القول إلى محمد صلى الله عليه وسلم مرة، وأضافه مرة أخرى إلى جبريل.
ومن المعلوم انه قول القائل الأول له؛ وهو الله عز وجل وليس محمدا صلى الله عليه وسلم ولا جبريل؛ ويبين ذلك قوله تعالى:(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(الشعراء: ١٩٢)(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)(الشعراء: ١٩٣)) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء: ١٩٤) ، وتنزيل رب العالمين هذا هو الأول من الثلاثة.
إذا فالكلام يضاف إلى أول من قاله، فلو قلت:(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) . فالذي قال هذا الكلام هو امرؤ القيس، وأنا قلت هذا الآن، لكنني قلته إما مبلغ إن كنت قد أمرت بتبليغه، وإما حاكيا إن لم أؤمر بتبليغه.
ثالثاً: قال: (والبصر) ، يعني وله البصر، والبصر هو رؤية الأشياء، وقد أثبت الله في كتابه أنه بصير بما يعمل العباد، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن لله بصراً في قوله:((حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)(١) ، وعلى هذا فالبصر ثابت لله تعالى بالكتاب والسنة.
لكن هذا الحديث الذي ذكرناه هو بصر الرؤية، إما بصر العلم فيستفاد من الآية، ولهذا نقول: إن بصر الله عز وجل نوعان: بصر رؤية، وبصر علم، وكلاهما يشمله قوله تعالى:(وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)(آل عمران: الآية ١٥) وقوله: (وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(الحجرات: الآية ١٨) وما أشبه ذلك من الآيات، فإن هذا البصر شامل لبصر العلم وبصر الرؤية.
(١) رواه مسلم كتاب الإيمان في قوله عليه الصلاة والسلام إن الله لا ينام رقم١٧٩