أما قوله عليه الصلاة والسلام:((لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) ، فإنه يختص ببصر الرؤية، وعلى كل حال فالبصر ثابت لله عز وجل، وهو من الصفات الذاتية التي لم يزل ولا يزال متصفا بها، فهو لم يزل ولا يزال عليما، ولم يزل ولا يزال بصيرا بخلقه عز وجل، أي يبصرهم.
ولا يلزم من البصر العين، ولولا النصوص الدالة على ثبوت العين لم يجز أن نثبتها بثبوت البصر، ولهذا كانت الأشاعرة يثبتون لله البصر ولا يثبتون له العين، فيقولون: إن الله يرى لكن لا بعين، فالعين لها نصوصها الدالة عليها والبصر له نصوصه الدالة عليه.
فإذا قال قائل: هل يمكن عقلا أن يرى بلا عين أو أن يحصل البصر بلا عين؟
فالجواب: نعم يمكن، فقد قال الله تعالى عن الأرض:(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)(الزلزلة: ٤) أي تخبر بما عمل الناس عليها، وعمل الناس قد يكون فعلا يرى، وقد يكون قولا يسمع، فالأرض تسمع بلا إذن وترى بلا عين، والله على كل شيء قدير.
وعلى كل حال فإننا نثبت لله البصر؛ بصر العلم وبصر الرؤية، ونرى أنه من الصفات الذاتية التي لم يزل ولا يزال الله متصفا بها.
رابعا: السمع: قال: (سمع) ، وهذه معطوفة على قوله: الحياة، لكنها بإسقاط حرف العطف لضرورة النظم
والسمع الذي أثبته الله لنفسه نوعان: سمع إدراك المسموع، وسمع إجابة المسموع.
وهناك فرق بين الإدراك وبين الإجابة، قال الله تعالى: (وَلا تَكُونُوا