للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

وانظر إلى تمام العدل وتمام الفضل أن السيئة بمثلها لا تزيد، والحسنة بعشر أمثالها، والعدل أن تكون الحسنة بمثلها، أو السيئة بعشر أمثالها، لكن ليتبين فضل الله صارت الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها، ومع ذلك فإن هذه السيئة قابلة للمغفرة، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء: الآية ٤٨) أما ثواب الحسنة فهو غير قابل للإسقاط، فإن لم يزد لم ينقص، وهذا أيضاً يظهر به تمام فضل الله عز وجل؛ حيث إن السيئة بسيئة قابلة للعفو، والحسنة بعشر أمثالها غير قابلة للنقص، بل هي باقية، وما زاد على العشر يمكن أن يكون إلى سبعمائة ضعف، بل إلى أضعاف كثيرة.

إذا قوله: (إن يعذب فبمحض عدله) قول صحيح إن أراد به من أساء، أما إن أراد به - حتى من أحسن - فليس بصحيح؛ لأنه لو عذب المحسن لكان هذا ظلماً، والله عز وجل منزه عن الظلم.

وقول المؤلف: (إن يعذب فبمحض عدله) أراد بذلك الاحتجاج لقوله، وفي الحقيقة أنه حجة عليه؛ لأننا نقول: التعذيب يكون عدلاً إذا وجد سببه وإذا لم يوجد سببه فليس بعدل

وقد يرد إشكال بناء على ذلك في فهم الحديث: ((إن الله لو عذب أهل سماواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم) (١) ، فكيف نجيب على هذا الحديث؟

والجواب عنه يكون من أوجه:

أولاً: ينظر في صحة الحديث.


(١) رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في القدر، رقم (٤٦٩٩) ، وابن ماجه في المقدمة، باب في القدر، رقم (٧٧) .