المحسن لكان فيه إخلاف لوعده والله عز وجل لا يخلف الميعاد؛ لأنه ليس عاجزاً وليس كاذباً سبحانه وتعالى، بل هو الصادق القادر فلا يخلف الميعاد.
إذاً هذا الذي عمل صالحاً يجازيه الله تعالى بالأصلح وجوباً بمقتضى الحكمة والكمال؛ لأنه عز وجل وعد بأنه يثيب الطائع، فيجب عليه ليس بإيجابنا بل بإيجابه هو على نفسه.
فمثلاً لو قال قائل: هل الجدب الذي يصيب الناس صلاح؟ في الحقيقة أنه غير صلاح، والله تعالى يقول:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)(الروم: الآية ٤١) ومنه الجدب، وهو غير صلاح في حد ذاته، لكنه صلاح لغيره، بدليل (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(الروم: الآية ٤١) .
ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله؛ هل يجب على الله فعل الأصلح أو لا يجب؟ وهل يجب عليه فعل الصلاح أو لا يجب؟ ونحن نقول إنه يمتنع عليه عز وجل فعل الأسوأ وفعل السيئ لأن هذا نقص والله سبحانه منزه عن النقص، وكذلك فعل ما ليس فيه صلاح ولا سوء فهو أيضاً منزه عنه؛ لأن مثل هذا الفعل سفه ولعب، والله تعالى منزه عن ذلك، وبذلك يبقى عندنا الصلاح والأصلح. ولكن ما ميزان الصلاح والأصلح؟ إن كان عقولنا؛ فربما نتوهم أن الله تعالى فعل الأسوأ أو السيئ، وإن كان الميزان الواقع فإنه عز وجل لا يفعل إلا الصلاح أو الأصلح، بل مقتضى الكمال أنه إذا كان صلاح وأصلح فإنه يفعل الأصلح.
فإن قال قائل: إذا قلنا: إنه يجب عليه فعل الأصلح أو الصلاح، ورد علينا خلق إبليس، وأنه لو سلم الناس من إبليس لكانوا في خير وكان أصلح