الشرط الثاني: أن نعلم أن هذا الفاعل فاعل للمنكر وهو منكر في حقه؛ لأنه قد يكون منكراً عندنا وعنده، ولكنه في حال يباح له أن يمارس هذا المحرم، والدليل على ذلك قوله تعالى:(وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(الإسراء: الآية٣٦)
مثال ذلك:((إنسان يأكل لحم ميتة)) عند الجميع، لكن هذا الرجل مضطر إن لم يأكل مات، فلا ننكر عليه إذا أكل، إذاً لابد أن نعلم أن هذا الفاعل للمنكر قد فعله وهو منكر في حقه.
وكذلك نقول في الأمر بالمعروف: إنه لابد أن نعلم أن هذا التارك للمعروف تركه وهو معروف في حقه، ولهذا لما دخل الرجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وجلس، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بداية، بل سأله صلى الله عليه وسلم أولاً قال:((أصليت؟)) قال: لا (١)
إذاً لا نأمر بالمعروف حتى نعرف أن هذا الذي تركه في حال يؤمر فيها؛ لأنه قد تقول لرجل دخل المسجد: قم صل، فيقول صليت، ففي هذا تسرع والأولى أن تسأله أولاً.
ومثل ذلك يقال في الواجب؛ فلو أن رجلاً أكل لحم إبل، وقام يريد أن يصلي، وترك الوضوء مع أن وضوءه من لحم الإبل معروف، فإذا كنت أعلم أن يرى أنه لا يجب الوضوء منه فلا آمره؛ لأنه يقول: أنا لا أرى الوجوب.
إذاً لابد أن نعلم أن هذا التارك للمعروف يرى أنه معروف، أما إذا كان
(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره ... ، رقم (٩٣٠) ، ومسلم، كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، رقم (٨٧٥) .