للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالحصص، فإن أقر في حال الحجر لزمه ذلك بعد قضاء الديون بإقراره، وينفق على المفلس من ماله وعلى زوجته وعلى وُلده الصغار وذوي أرحامه، وإن لم يعرف للمفلس مال وطلب غرماؤه حبسه وهو يقول لا مال لي حبسه الحاكم في كل دين لزمه * بدلًا عن

وقال أبو يوسف ومحمد: إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه، ويبيع ماله إن امتنع المديون من بيعه.

وقال القاضي (١): "ولا يبيع مال المديون في قول أبي حنيفة، وفي قول صاحبيه يبيع منقوله ولا يبيع عقاره عندهما .. وفي رواية يبيع كما يبيع المنقول وهو الصحيح".

ولا يخفى عدم وقوع هذا الكلام موقعه، وعدم صحته؛ لأن بيع القاضي عروض المفلس وعقاره جبرًا فرع الحجر عليه، ولا يصح أن يكون الفتوى على الفرع دون أصله، وأيضًا لا يصح أن يكون الفتوى على ما اعترف هو بكونه مرجوحًا (٢)، والله أعلم.

قوله: (حَبسه الحاكم في كل دَين لزمه .. الخ)، وهذا هو المختار عند المتأخرين، خلاف ما يقوله الخصّاف (٣) من أن القول قول المدّعى عليه في


(١) "فتاوى قاضي خان"، كتاب الدعوى والبينات، فصل فيمن يجوز قضاء القاضي له ومن لا يجوز وما للقاضي أن يفعله ٢/ ٤٤٩، ٤٥٠.
(٢) كذا في النسخ المخطوطة، إلا أنه تأخر قول القاضي عن موضعه المثبت في نسخة (جـ) إلى هنا، أي بعد كلمة (مرجوحًا والله أعلم)، وتقدمت جملة (ولا يخفي عدم وقوع هذا الكلام موقعه) على قول القاضي، في نسخة (د).
ولم يتبين لي المراد من قوله: (ولا يصح أن يكون الفتوى على الفرع دون أصله .. ) وأي شيء اعترف هو - القاضي - بكونه مرجوحًا؟
والذي ذكره قاضي خان في باب الحيطان ونقله المصنف ص ٢٤٢ هو أن الفتوى على قولهما في الحجر على الحر، وهذا أصل، يتفرع منه مسائل بيعه وشرائه .. الخ.
وقد رجعت أيضًا إلى كتاب الحجر من "الفتاوى الخانية" ٣/ ٦٣٣ - ٦٤٤ فلم أجده ينص على أن قول الصاحبين مرجوح، وأن ما ذهب إليه أبو حنيفة هو الراجح، بل ذكر في آخر الكتاب أن أبا بكر البلخي وأبا القاسم رحمهما الله، أفتيا بصحة الحجر على الحر البالغ كما هو مذهب أبي يوسف ومحمد، ولكن من غير تصريح بالتصحيح إلا ما مر عنه في كتاب الصلح، باب الحيطان … فالله تعالى أعلم بحقيقة القصد والمراد، ولربما سقط كلام من النسخ المخطوطة.
وأشير أخيرًا إلى أن هذه المسألة أثبتت في نسخة الأصل على نحو ما هو مثبت في نسخة (د)، ولكن وُضعت بعض الرموز التي أفادتني ترتيب الكلام على النحو المذكور.
(٣) أحمد بن عمرو بن مُهَير الشيباني، أبو بكر الخصّاف، كان إمامًا زاهدًا عارفًا بالفقه والحديث، مقدمًا عند الخليفة المهتدي بالله. صنف كتبًا عديدة منها: أدب القاضي، وأحكام الوقف، =

<<  <   >  >>