للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا راهق الغلام * أو الجارية وأشكل أمرهما في البلوغ فقالا قد بلغنا فالقول قولهما وأحكامهما أحكام البالغين. وقال أبو حنيفة: لا أحجر في الدَّين، إذا وجبت الديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه وإن كان له مال لم يتصرف نيه الحاكم ولكن يحبسه أبدًا حتى يبيعه في دينه *، فإن كان له دراهم ودينه دراهم قضاها القاضي بغير أمره وإن كان دينه دراهم وله دنانير باعها القاضي في دينه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء، وباع ماله إن امتنع المفلس من بيعه وقسمه بين غرمائه

" ويفتى بالبلوغ فيهما بخمس عشرة سنة"، وقال صدر الشريعة (١): "فإن لم يوجد الاحتلام والحيض والحبَل فحتّى (٢) يتمَّ لهما خمس عشرة سنة، به يفتى"، وقال أبو العباس أحمد بن علي البَعْلَبَكّي في شرحه (٣): "وقولهما رواية عن أبي حنيفة، وعليه الفتوى"، وقال أبو الفضل الموصلي في شرحه (٤): "وأدنى مدة يصدق الغلام فيها على البلوغ اثنا عشر سنة، والجارية تسع سنين، وقيل غير ذلك وهذا هو المختار".

[(وإذا راهق الغلام .. ) قال أبو نصر: "الصحيح هذا".] (٥).

قوله: (وقال أبو حنيفة: لا أحجر في الدَّين، إذا وجبت الديون على رجل وطلب غرماؤه حبسَه والحَجْر عليه لم أحجُر عليه، وإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم ولكن يحبسه أبدًا حتى يبيعَه في دَيْنه)، ورجحوا أدلة الإمام في جميع مصنفات الاستدلال، وقد علمتَ ما صرح به قاضي خان (٦)، وقال الطحاوي في "مشكل الآثار" (٧): "غير أن مذهبنا في الحَجْر استعماله والحكم به، وحفظ المال على مَن يملكه إذا كان مخوفًا عليه منه"، ووقع في "الاختيار" (٨): "ولا يبيع - يعني القاضي - العُروض ولا العَقار لأنَّه حَجر عليه، وهذا تجارة لا عن تراض، وقالا: يبيع، وعليه الفتوى".


(١) انظر "النقاية" ٣/ ٤١٤، ٤١٥.
(٢) في "النقاية": "فحين".
(٣) لم أجد ترجمته ولا شرحه هذا، (الذي ربما هو على القدوري)، فيما وقفت عليه من المصادر.
(٤) "الاختيار لتعليل المختار" ٢/ ٩٥، ٩٦.
(٥) هذه المسألة زيادة من نسخة (جـ).
(٦) انظر ص ٢٤٢.
(٧) "شرح مشكل الآثار" ١٢/ ٣٤٥، ٣٤٦.
(٨) "الاختيار لتعليل المختار" ٢/ ٩٨.

<<  <   >  >>