وإذا تشاقّا الزوجان وخافا أن لا يقيما حدود الله فلا بأس أن تفتدي نفسها منه بمال يخلعها به *، فإذا فعلت ذلك وقع بالخلع تطليقة بائنة ولزمها المال، وإن كان النشوز من قبله كرهنا له أن يأخذ منها عوضًا، وإن كان من قبلها كره له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها فإن فعل ذلك جاز في القضاء، وإن طلقها على مال فقبلت وقع الطلاق ولزمها المال وكان الطلاق بائنًا، وإن بطل العوض في الخلع مثل أن يخالع المسلمة على خمر أو خنزير فلا شيء للزوج والفرقة بائنة، وإن بطل العوض في الطلاق كان رجعيًا، وما جاز أن يكون مهرًا جاز أن يكون بدلًا في الخلع، وإن قالت خالعني على ما في يدي فخالعها فلم يكن في يدها شيء فلا شيء له عليها، وإن قالت على ما في يدي من مال ولم يكن في يدها شيء ردت عليه مهرها، وإن قالت على ما في يدي من دراهم فلم يكن في يدها شيء فعليها ثلاثة دراهم، وإن قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة فعليها ثلث الألف، وإن قالت طلقني ثلاثًا على ألف فطلقها واحدة فلا شيء عليها عند أبي حنيفة *، ولو قال الزوج طلقي نفسك ثلاثًا بألف أو على ألف فطلقت نفسها واحدة لم يقع عليها شيء، والمباراة كالخلع*، والخلع والمبارأة يسقطان كل حق لكل واحد من الزوجين على الآخر مما يتعلق بالنكاح عند أبي حنيفة *، والله أعلم.
[كتاب الخلع]
قوله:(بمالٍ يخلَعُها به)، قال في "مختارات النوازل": "لا يصح الخلع والطلاق على مال إلا بالقبول في المجلس، والمعتبر فيه مجلسها لا مجلس الزوج، حتى لو قام الزوج من مجلسه ثم قبلت المرأة بمجلسها صح قولها ولزم المال".
قوله:(فإن قالت طلِّقني ثلاثًا على ألفٍ فطلقها واحدةً فلا شيء عليها عند أبي حنيفة)، قال الإسبيجابي:"وتقع واحدة، وقالا: عليها ثلث الألف، وهو قول الشافعي، والصحيح قوله"، واعتمده الإمام البرهاني والنسفي وغيرهما.
قوله:(والمبارَأَةُ كالخلع)، قال في "المختارات": "أي يقع بها الطلاق البائن بدون النية كما في الخلع"، والمبارأة أن يبرئ كل واحد منهما صاحبه.
قوله:(والخلع والمبارأة يُسْقِطان كلَّ حقٍّ لكلّ واحد من الزوجين على الآخر مما يتعلق بالنكاح عند أبي حنيفة)، [وأما الخلع فظاهر، وأما المبارأة