للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد؛ فإن الفقير إلى رحمة ربّه الغنيّ قاسم الحنفي يقول:

إنّي قد رأيتُ مَن عمل في مذهب أئمّتنا - رضي الله عنهم - بالتشهّي، حتّى سمعت من لفظ بعض القضاة: وهل ثَمَّ حَجْر؟ فقلتُ: نَعم، اتّباع الهوى حرام، والمرجوح في مقابلة الراجح بمنزلة العَدَم، والترجيح بغير مرجِّح في المتقابلات ممنوع.

وقد قال في كتاب "أصول الأقضية" لليعمري (١) [رحمه الله]: "من لم يقف على المشهور من الروايتين أو القولين فليس له التشهي في الحكم بما شاء منها (٢) من غير نظر في الترجيح" (٣).

وقال الإمام أبو عمرو (٤) في كتاب "أدب المفتي" (٥): "أعلم أن من يكتفي


(١) كتاب أصول الأقضية هو: "تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام"، تأليف الإمام برهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون اليعمري المالكي، مغربي الأصل، ولد ونشأ في المدينة المنورة، وبها تولى القضاء، توفي سنة ٧٩٩ هـ عن نحو ٧٠ عامًا، له: "الديباج المُذهب في تراجم أعيان المذهب"، وغيره. (الأعلام ١/ ٥٢).
(٢) كذا في الأصل، وفي (ب): "منهما"، وفي "التبصرة": " فليس له التشهي والحكم بما شاء منهما"، وفي (جـ): "فليس له التشهي والحكم بما يشاء منهما".
(٣) انظر "تبصرة الحكام" ١/ ٥١، وفيه أيضًا: "قال ابن الصلاح: وقد قال مالك - رضي الله تعالى عنه - في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم: مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد، وقال: ليس كما قال ناس فيه توسعة لنا، قال ابن الصلاح: قلت لا توسعة فيه بمعنى أنه يتخير بين أقوالهم من غير توقف على ظهور الراجح، وفيه توسعة بمعنى أن اختلافهم يدل على أن للاجتهاد مجالًا فيما بين أقوالهم".
(٤) هو تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري، المعروف بـ "ابن الصلاح"، ولد سنة ٥٧٧ هـ، كان أحد الفضلاء المقدمين في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال، له عدة كتب، منها: "معرفة أنواع علم الحديث"، و"أدب المفتي والمستفتي"، توفي في دمشق سنة ٦٤٣ هـ. (الأعلام ٤/ ٢٠٧، ٢٠٨).
(٥) انظر: "أدب المفتي والمستفتي" لابن الصلاح، المسألة الخامسة عشرة، فصل أحكام المفتين، ص ١٢٥.

<<  <   >  >>