الإجارة عقد على المنافع بعوض، ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة والأجرة معلومة، وما جاز أن يكون ثمنًا في البيع جاز أن يكون أجرة، والمنافع تصير تارة معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة، فيصح العقد على مدة معلومة أيّ مدة كانت، وتارة تصير معلومة بالعمل والتسمية كمن استأجر رجلاً على صبغ ثوب أو خياطة ثوب، أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارًا معلومًا أو يركبها مسافة سماها، وتارة تصير معلومة بالتعيين والإشارة كمن استأجر رجلاً لينقل له هذا الطعام إلى موضع معلوم، ويجوز استئجار الدور والحوانيت للسكنى فإن لم يبين ما يعمل فيها وله أن يعمل كل شيء إلا الحدادة والقصارة والطحانة، ويجوز استئجار الأراضي للزراعة، ولا يصح العقد حتى يسمي ما يزرع فيها أو يقول على أن يزرع فيها ما شاء، ويجوز أن يستأجر الساحة ليبني فيها أو ليغرس فيها نخلاً أو شجرة فإذا انقضت مدة الإجارة لزمه أن يقلع البناء أو الغرس ويسلمها فارغة إلا أن يختار صاحب الأرض أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعًا فيملكه أو يرضى بتركه على حاله فيكون البناء لهذا والأرض لهذا، ويجوز استئجار الدواب للركوب والحمل، فإن أطلق الركوب جاز أن يُركبها من شاء، وكذلك إن استأجر ثوبًا للبس وأطلق فإن قال على أن يركبها فلان أو يلبسه فلان فأركبها غيره أو ألبسه غيره كان ضامنًا إن عطبت، وكذلك كل ما يختلف باختلاف المستعملين، وأما العقار وما لا يختلف باختلاف المستعملين فإذا شرط سكنى واحد بعينه فله أن يسكن غيره، وإن سمى نوعًا وقدرًا يحمله على الدابة مثل أن يقول خمسة أقفزة حنطة فله أن يحمل ما هو مثل الحنطة في الضرر أو أقل كالشعير والسمسم، وليس له أن يحمل ما هو أضر من الحنطة كالملح والحديد، ومن استأجرها ليحمل عليها قطنًا سماه فليس له أن يحمل مثل وزنه حديدًا، ولو استأجرها ليركبها فأردف معه رجلا فعطبت ضمن نصف قيمتها * ولا معتبر بالثقل، وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارًا من الحنطة فحمل أكثر منه فعطبت ضمن ما زاد الثقل، فإن كبح
[كتاب الإجارة]
قوله:(وإن استأجرها ليركبَها فأردف معه رجلاً فعَطِبَت، ضَمِنَ نصفَ قيمتِها)، هذا إذا كانت تطيق حمل اثنين، فإن عَلِم أنها لا تطيق يضمن جميعَ قيمتها.
قوله: (وإن كَبَح الدابّة بلجامها أو ضربها فعطِبتْ ضَمِن عند أبي