الصلح على ثلاثة أضرب: صلح مع إقرار، وصلح مع سكوت وهو أن لا يقر المدعى عليه ولا ينكر، وصلح مع إنكار، وكل ذلك جائز، فإن وقع الصلح عن إقرار اعتبر فيه ما يعتبر في البياعات إن وقع عن مال بمال، وإن وقع عن مال بمنافع فيعتبر بالإجارات والصلح على السكوت والإنكار في حق المدعى عليه لافتداء اليمين وقطع الخصومة وفي حق المدعي بمعنى المعاوضة، وإذا صالح عن دار لم تجب فيها شفعة *، وإذا صالح على دار وجبت فيها الشفعة، وإذا كان الصلح عن إقرار فاستحق بعض المصالح عنه رجع المدعى عليه بحصة ذلك من العوض وإن وقع الصلح عن سكوت أو إنكار فاستحق المتنازع فيه رجع المدعي بالخصومة ورد العوض، فإذا استُحِقّ بعض ذلك رد حصته ورجع بالخصومة فيه، وإن ادعى حقًا في دار لم يبينه فصولح من ذلك ثم استحق بعض الدار لم يرد شيئًا من العوض لأن دعواه يجوز أن يكون فيما بقي، والصلح جائز من دعوى الأموال والمنافع وجناية العمد والخطأ ولا تجوز من دعوى حد، وإذا ادعى رجل على امرأة نكاحًا وهي تجحد فصالحته على مال بذلته حتى يترك الدعوى جاز وكان في معنى الخلع، وإن ادعت امرأة نكاحًا على رجل فصالحها على مال بذله لها لم يجز *، وإن ادعى على رجل أنه عبده فصالحه على مال أعطاه جاز وكان في حق المدعي في معنى العتق على مال، وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة لم يحمل على المعاوضة وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه وأسقط باقيه كمن له على رجل ألف درهم جياد فصالحه على خمس مئة زيوف جاز وصار كأنه أبرأه من بعض حقه، ولو صالحه على ألف مؤجلة جاز فكأنه أجل نفس الحق ابتداءً، ولو صالحه على دنانير إلى شهر لم يجز، ولو كان له ألف مؤجلة فصالحه على خمس مئة حالة لم يجز، ولو
[كتاب الصلح]
قوله:(وإذا صالَحَ عن دارٍ لم تجب فيها الشُّفعة)، قال الإسبيجابي:"يريد به إذا صالح مع الإنكار أو السُّكوت"، ومثله في "الهداية"(١).
قوله:(وإن ادّعَتْ امرأةٌ نكاحًا على رجل فصالحها على مال بذَلَه [لها] لم يَجُزْ)، هكذا في بعض النسخ، وفي بعضها:(جاز)، ووجهه أن يجعل زيادة في مهرها.