للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان له ألف سود فصالحه على خمس مئة بيض لم يجز، ومن وكل رجلا بالصلح عنه فصالح لم يلزم الوكيل ما صالح عليه إلا أن يضمنه والمال لازم للموكل، فإن صالح عنه رجل بغير أمره فهو على أربعة أوجه: إن صالح بمال وضمنه تم الصلح ولزمه تسليمها وكذلك لو قال صالحتك على ألفي هذه تم الصلح ولزمه تسليمها، وكذلك لو قال صالحتك على ألف وسلمها، وإن قال صالحتك على ألف ولم يسلمها فالعقد موقوف فإن أجازه المدعى عليه جاز ولزمه الألف وإن لم يجزه بطل. وإذا كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب فشريكه بالخيار إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه وإن شاء أخذ نصف الثوب إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين، ولو استوفي نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض ثم يرجعان على الغريم بالباقي، ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمن ربع الدين، وإذا كان السلم بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على رأس المال لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: يجوز الصلح*، وإذا كانت التركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أو عروض جاز قليلاً كان أو كثيرًا ما أعطوه، فإن كانت التركة فضة فأعطوه ذهبًا أو كان ذهبًا فأعطوه فضة فهو كذلك، فإن كانت التركة ذهبًا وفضة وغير ذلك

قوله: (وإذا كان السَّلَم بين شريكين فصالح أحدُهما من نصيبه على رأس المال لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: يجوز الصُّلح)، وهكذا ذكر الحاكم قول محمد مع أبي حنيفة، وهكذا في "الهداية"، وفي الإسبيجابي: "وقالا: لا يجوز الصلح"، وقول أبي حنيفة هو أصحّ الأقاويل عند المحبوبي وهو المختار للفتوى، على ما هو رسم المفتي عند القاضي وصاحب "المحيط" (١)، وهو المعوَّل عليه عند النَّسفي.

فرع: قال القاضي (٢): "ادّعى صاحبُ المال على المودَع الاستهلاكَ، والمودَع يدعي الرّدّ أو الهلاك، ثم صالحه على شيء، جاز الصُّلْح في قول محمد وأبي يوسف الآخر (٣) واختلفوا في قول أبي حنيفة، والصحيح أنه لا يجوز في قوله، وهو قول أبي يوسف الأول، وعليه الفتوى".


(١) مرّ في مقدمة المؤلف ص ١٢٥ عن "فتاوى قاضي خان" و"المحيط" أن المسألة إن كانت مختلفًا فيها بين أئمة المذهب الثلاثة، فإذا كان مع أبي حنيفة أحد صاحبيه أُخذ بقولهما لوفور الشرائط واستجماع أدلة الصواب فيها".
(٢) "فتاوى قاضي خان" ٣/ ٩٦.
(٣) في نسخة (جـ): "الأخير".

<<  <   >  >>