للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الشَّركة

الشركة على ضربين: شركة أملاك وشركة عقود، فشركة الأملاك العين يرثها رجلان أو يشتريانها، فلا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصيب الآخر إلا بأمره، وكل واحد منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي. والضرب الثاني شركة العقود، وهي على أربعة أوجه: مفاوضة وعنان وشركة الصنائع وشركة الوجوه، فأما شركة المفاوضة فهي أن يشترك الرجلان فيتساويا في مالهما وتصرفهما ودينهما، فيجوز بين الحرّين المسلمين العاقلين البالغين، ولا يجوز بين الحرّ والمملوك، ولا بين الصبي والبالغ ولا بين المسلم والكافر *. وتنعقد على الوكالة والكفالة، فما يشتريه كل واحد منهما يكون على الشركة إلا طعام أهله وكسوتهم وما يلزم كل واحد منهما من الديون بدلاً عما يصح فيه الاشتراك فالآخر ضامن له، فإن ورث أحدهما مالاً تصح الشركة فيه وأو وُهب له ووصل إلى يده بطلت المفاوضة وصارت الشركة عنانًا، ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة *، ولا يجوز بما سوى ذلك إلا أن يتعامل الناس بها كالتبر والنقرة فتصح الشركة

[كتاب الشركة]

قوله: (ولا بين المسلم والكافر)، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: يجوز، والمعتمد قولهما عند الكل، كما نطقت به المصنفات للفتوى وغيرُها، والله أعلم.

قوله: (والفلوس النّافقة)، لم يذكر المصنف في هذا اختلافًا، وكذلك الحاكم في "الكافي"، فقال: "ولا تجوز الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس"، وذكر الكرخي أن الجواز على قولهما، وقال في "الينابيع": "وأما بالفلوس إن كانت نافقة فكذلك عند محمد، وقال أبو حنيفة: لا تصح الشركة بالفلوس وهو المشهور، وروى الحسن عن أبي حنيفة وأبي يوسف أن الشركة بالفلوس جائزة"، فأبو يوسف مع أبي حنيفة في بعض النسخ، وفي بعض النسخ مع محمد، وقال الإسبيجابي في "مبسوطه" (١): "الصحيح أن عقد الشركة (٢) يجوز على قول الكل؛ لأنها صارت ثمنًا باصطلاح الناس"،


(١) كتاب "المبسوط"، لعلاء الدين علي بن محمد بن إسماعيل السمرقندي الإسبيجابي المعروف بشيخ الإسلام. ولد سنة ٤٥٢ وتوفي سنة ٥٣٥ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٢/ ٥٩١، ٥٩٢ رقم ٩٩٥، كشف الظنون ٢/ ١٥٨١، هدية العارفين ١/ ٦٩٧، الفوائد البهية ص ٢٠٩ رقم ٢٦٥).
(٢) يعني: بالفلوس النافقة.

<<  <   >  >>