للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب التمتُّع

التمتع أفضل من الإفراد عندنا، والمتمتع على وجهين: متمتع يسوق الهدي، ومتمتع لا يسوق الهدي، وصفة التمتع أن يبتدئ من الميقات فيحرم بعمرة ويدخل مكة فيطوف لها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد حل من عمرته، ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالطواف ويقيم بمكة حلالاً، فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد وفعل كما يفعله الحاج المفرد، وعليه دم التمتع، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وإن أراد المتمتع أن يسوق الهدي أحرم وساق هديه، فإن كانت بدنة قلدها بمزادة أو نعل، وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد. وهو أن يشق سنامها من الجانب الأيمن. ولا يشعر عند أبي حنيفة *، فإذا دخل مكة طاف وسعى ولم يتحلل حتى يحرم بالحج يوم التروية فإن قدم الإحرام قبله جاز وعليه دم، فإذا حلق يوم النحر فقد حل من الإحرامين، وليس لأهل مكة تمتع ولا قران وإنما لهم الإفراد خاصة، وإذا عاد المتمتع إلى بلده بعد فراغه من العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه، ومن أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج فطاف لها أقل من أربعة أشواط ثم دخلت أشهر الحج فتمّمها وأحرم بالحج كان متمتعًا، وإن طاف لعمرته قبل أشهر الحج أربعة أشواط فصاعدًا ثم حج من عامه ذلك لم يكن متمتعًا، وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، فإن قدم الإحرام بالحج عليها جاز إحرامه وانعقد حجًا، وإذا حاضت المرأة عند الإحرام اغتسلت وأحرمت وصنعت كما يصنعه الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، وإن حاضت بعد الوقوف وطواف الزيارة انصرفت من مكة ولا شيء عليها لترك طواف الصدر.

[باب التمتع]

قوله: (وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد .. ولا يشعر عند أبي حنيفة)، قال في "الهداية" (١): "وقيل إن أبا حنيفة كره إشعار أهل زمانه لمبالغتهم فيه على وجه يخاف منه السراية"، وقال في الشرح (٢): "وعلى هذا حمله الطحاوي، وهو الأولى" (٣).


(١) ١/ ١٩١.
(٢) أي "شرح الهداية" للكمال بن الهمام ٢/ ٤٢٦.
(٣) أي هذا التخريج أولى من قولهم: إن أبا حنيفة كره الإشعار لأنَّه مُثلة وهو منهي عنه، وإذا وقع التعارض فالترجيح للمحرم. وقيل أيضًا: إنما كره إيثاره على التقليد - جعل قلادةٍ في العنق -. (انظر الكفاية ٢/ ٤٢٦).

<<  <   >  >>