للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهج المؤلّف في كتابه

تميّزَ كتاب "التصحيح والترجيح" عن كثير من كتب المتقدمين، بمقدمته الفقهية الأصولية، التي أوضح فيها المصنف منهجه والطريقة المعتمدة في اختيار المسائل وترجيحها.

فقد أكّد رحمه الله تعالى أولًا، على ضرورة التزام المقلد القول الراجح في المذهب، الذي التزم تقليده، إذ "العمل بالتشهي اتباع للهوى"، ولأن "المرجوح في مقابلة الراجح بمنزلة العدم، والترجيح بغير مرجح في المتقابلات ممنوع". (١)

ولم يقصد المصنف من الترجيح البحثَ عن الأدلة النقلية والعقلية أو إيراد المناقشات الفقهية وإقامة الحجج على صحة مذهبه وترجيحه في مقابلة المذاهب الأخرى، ولربما فعل ذلك في تصانيف أخرى. . ولكنه حاول في هذا الكتاب إرشاد أتباع المذهب الحنفي إلى القول الذي ينبغي أن يختاروه إذا تعددت الروايات عن الإمام، أو إذا ما خالف الإمامَ في مسألة أحدُ أصحابه، وهي مسائل كثيرة.

ويرى رحمه الله أن القضاء أو الإفتاء إذا لم يكن بمقتضى القول الراجح في المذهب، يكون عملًا بما تشتهيه النفس، واتباعًا للهوى المحرم، حتى إن شيخه الكمال بن الهمام قال في ذلك: "إن التارك لمذهبه عمدًا لا يفعله إلا لهوى باطل لا لقصد جميل" (٢).

ولم يخرج المصنف في تقريره قواعد الترجيح بين المسائل والروايات على ما وضعه السابقون، بل نقل في ذلك كلام العلامة قاضي خان في مقدمة فتاواه، كما أشار إلى ما قاله صاحب المحيط والكاساني وغيرهما، وقد مر ذكر تلك القواعد في المبحث السابق.

ولكن ابن قطلوبغا وإن التزم تلك القواعد بالجملة، إلا أنه اختص بجانب ميّز فكره ومنهجه عن سواه، وكذلك من يتصدر لتصنيف كتاب، لا بد أن ينفرد فيه


(١) انظر ص ١٢١.
(٢) انظر ص ١٢٩.

<<  <   >  >>