للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء، وبين لهم كيف يوسوس لهم ويشغلهم في صلاتهم وعبادتهم، وكيف يحاول الشيطان أن يوهمهم بأن وضوءهم قد فسد، والأمر ليس كذلك، وكيف يفرق بين المرء وزوجه، وكيف يوسوس للمرء، فيقول له: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟

أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان

سابعاً: مخالفة الشيطان:

يأتي الشيطان في صورة ناصح يحرص على الإنسان كما سبق، فعلى المرء أن يخالف ما يأمر به، ويقول له: لو كنت ناصحاً أحداً لنصحت نفسك، فقد أوقعت نفسك في النار، وجلبت لها غضب الجبّار، فكيف ينصح غيره من لا ينصح نفسه.

يقول الحارث بن قيس: " إذا أتاك الشيطان وأنت تصلي، فقال: إنك ترائي فزدها طولاً " (١) . وهذا فقه جيد منه، رحمه الله.

وإذا علمنا أنّ أمراً ما يحبّه الشيطان، ويتصف به، فعلينا أن نخالفه، فمثلاً الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويأخذ بشماله، لذا وجبت علينا مخالفته. روى أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليأكل أحدكم بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه، وليعط بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويعطي بشماله، ويأخذ بشماله) (٢) .

والشيطان يشاركنا في الشرب إذا شربنا، ونحن وقوف، ولذا أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الشرب ونحن جلوس.

ورغّبنا الرسول صلى الله عليه وسلم في القيلولة، معلّلاً ذلك بأن الشياطين لا تقيل، (قيلوا، فإنّ الشياطين لا تقيل) . رواه أبو نعيم في الطبّ، بإسناد حسن (٣) .

وحذرنا القرآن من الإسراف، وقد عدّ المبذرين إخوان الشياطين، وما ذلك إلا لأن الشياطين تحب إضاعة المال وإنفاقه في غير وجهه.

ومن الإسراف الإكثار من الأثاث والفراش الذي لا لزوم له،


(١) تلبيس إبليس: ٣٨.
(٢) صحيح سنن ابن ماجة: ١/٢٢٥. ورقمه: ٢٦٤٣.
(٣) صحيح الجامع: ٤/١٤٧.

<<  <   >  >>