ومن هذه الحكم أن من أسمائه الحكيم، والحكمة من صفاته - سبحانه - وحكمته تستلزم وضع كل شيء في موضعه الذي لا يليق به سواه، فاقتضت خلق المتضادات، وتخصيص كل واحد منها بما لا يليق به غيره من الأحكام والصفات والخصائص، وهل تتم الحكمة إلا بذلك؟ فوجود هذا النوع من تمام الحكمة، كما أنه من كمال القدرة.
١٤- حمده تعالى على منعه وخفضه:
ومنها أن حمده - سبحانه - تام كامل من جميع الوجوه، فهو محمود على عدله ومنعه، وخفضه ورفعه، وانتقامه وإهانته، كما هو محمود على فضله وعطائه، ورفعه وإكرامه، فله الحمد التام الكامل على هذا وهذا، وهو يحمد نفسه على ذلك كله، ويحمده عليه ملائكته، ورسله وأولياؤه، ويحمده عليه أهل الموقف جميعهم، وما كان من لوازم كمال حمده وتمامه، فله في خلقه وإيجاده الحكمة التامة، كما له عليه الحمد التام، فلا يجوز تعطيل حمده، كما لا يجوز تعطيل حكمته.
١٥- وبخلقه يظهر الله لعباده حلمه وصبره:
ومنها أنه - سبحانه - يحب أن يظهر لعباده حلمه وصبره، وأناته، وسعة رحمته، وجوده، فاقتضى ذلك خلق من يشرك به، ويضاده في حكمه، ويجتهد في مخالفته، ويسعى في مساخطه، بل يشبهه سبحانه وتعالى، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات، ويرزقه، ويعافيه، ويمكن له من أسباب ما يلتذ به من أصناف النعم، ويجيب دعاءَه، ويكشف عنه السوء، ويعامله من بره وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءَته، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد.
ويتحبب إلى أوليائه ويتعرف بأنواع كمالاته، كما في الصحيح عن