للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم) . متفق عليه (١) .

وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: كذبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأمّا شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد) . رواه البخاري (٢) .

وهو سبحانه مع هذا الشتم له، والتكذيب له، يرزق الشاتم المكذب، ويعافيه، ويدفع عنه، ويدعوه إلى جنته، ويقبل توبته إذا تاب إليه، ويبدله بسيئاته حسنات، ويلطف به في جميع أحواله، ويؤهله لإرسال رسله، ويأمرهم أن يلينوا له القول، ويرفقوا به.

قال الفضيل بن عياض: " ما من ليلة يختلط ظلامها إلا نادى الجليل - جلّ جلاله - مَن أعظم مني جوداً، الخلائق لي عاصون، وأنا أكلؤهم في مضاجعهم، كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم، كأنهم لم يذنبوا، أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسيء.

من ذا الذي دعاني فلم ألبه؟ من ذا الذي سألني فلم أعطه؟

أنا الجواد ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي أني أعطي العبد ما سألني، وأعطيه ما لم يسألني، ومن كرمي أني أعطي التائب كأنه لم يعصني، فأين عني يهرب الخلق، وأين عن بابي ينتحي العاصون؟ ".

وفي أثر إلهي: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي) .

وفي أثر حسن: (ابن آدم ما أنصفتني: خيري إليك نازل، وشرّك إلي صاعد، كم أتحبب إليك بالنعم، وأنا غني عنك، وكم تتبغض إلي بالمعاصي، وأنت فقير إلي، ولا يزال المَلَكُ الكريم يَعْرُج إلي منك بعمل قبيح) .


(١) مشكاة المصابيح: ١/١٤. ورقمه: ٢٣.
(٢) مشكاة المصابيح: ١/١٤. ورقمه: ٢٠.

<<  <   >  >>