وإجارته منه بأدنى النعمتين، والله تعالى يحب أن يكمل نعمته على عباده المؤمنين، ويريهم نصره لهم على عدوهم، وحمايتهم منه، وظفرهم به، فيا لها من نعمة كمل بها سرورهم ونعيمهم، وعدل أظهره في أعدائه وخصمائه.
وما منهما إلا له فيه حكمة ××× يقصر عن إدراكها كل باحث
الحكمة في بقاء إبليس إلى آخر الدهر:
تحدث ابن القيم، رحمه الله، عن ذلك في (شفاء العليل)(١) ووضحه، فمن ذلك:
١- امتحان العباد:
فمما ذكره رحمه الله تعالى: أنّ الله جعله محكّاً ومحنة يخرج به الطيب من الخبيث، ووليّه من عدوه، ولذا اقتضت حكمته إبقاءَه ليحصل الغرض المطلوب بخلقه، ولو أماته لفات ذلك الغرض، كما أن الحكمة اقتضت بقاء أعدائه الكفار في الأرض إلى آخر الدهر، ولو أهلكهم ألبتة لتعطلت الحكم الكثيرة في إبقائهم، فكما اقتضت حكمته امتحان أبي البشر، اقتضت امتحان أولاده من بعده به، فتحصل السعادة لمن خالفه وعاداه، وينحاز إليه من وافقه وولاه.
٢- وأبقاه مجازاة له على صالح عمله السابق:
ومنها أنه لما سبق حكمه وحكمته أنه لا نصيب له في الآخرة، وقد سبق له طاعة وعبادة، جزاه بها في الدنيا بأن أعطاه البقاء فيها إلى آخر الدهر، فإنه سبحانه لا يظلم أحداً حسنة عملها، فأمّا المؤمن، فيجزيه بحسناته في الدنيا والآخرة، وأمّا الكافر، فيجزيه بحسناته ما عمل في الدنيا، فإذا أفضى إلى الآخرة، لم يكن له شيء، كما ثبت هذا المعنى في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
٣- أملى له ليزداد إثماً:
وبقاؤه إلى يوم القيامة لم يكن كرامة في حقه، فإنّه لو مات كان خيراً له،