للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلا يأمره إلا بخير.

وقد قال أبو سعيد الخدري لأبي صعصعة: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنّه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) ، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) . فقد أخبر أن الجن يشهدون يوم القيامة لمن يسمعون صوت أذانه.

وهم في الصلاح والفساد مراتب:

فمنهم الكامل في الاستقامة والطيبة وعمل الخير، ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم البله المغفلون، ومنهم الكفرة، وهم الكثرة الكاثرة.

يقول الله سبحانه في حكايته عن الجن الذين استمعوا إلى القرآن: (وأنَّا منَّا الصَّالحون ومنَّا دون ذلك كنَّا طرائِق قدداً) [الجن: ١١] ؛ أي منهم الكاملون في الصلاح، ومنهم أقل صلاحاً، فهم مذاهب مختلفة، كما هو حال البشر.

ويقول الله عنهم: (وأنَّا منَّا المسلمون ومنَّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرَّوا رشداً - وأمَّا القاسطون فكانوا لجهنَّم حطباً) [الجن: ١٤-١٥] ؛ أي: أنّ منهم المسلمين، والظالمين أنفسهم بالكفر، فمن أسلم منهم، فقد قصد الهدى بعمله، ومن ظلم نفسه، فهو حطب جهنم.

طبيعة الشيطان وهل يمكن أن يسلم

أعطى الله الجنّ القدرة على الإيمان والكفر، ولذلك كان الشيطان عابداً مع الملائكة ثم كفر.

فلما تحوّل إلى الكفر، ورضي به، وأصبح محباً للشرّ، طالباً له، يتلذذ بفعله والدعوة إليه، ويحرص عليه بمقتضى خبث نفسه، وإن كان موجباً لعذابه:


(١) رواه البخاري: ٢/٨٨. ورقمه: ٦٠٩.

<<  <   >  >>