يعرفها؛ وعلومٌ أُخَر ليس في قوة البشر أصلاً إدراكُها والإحاطة بها، ويحظَى بها بعضُ الملائكة المُقَرَّبين، فإن الإمكانَ في حق الآدَمِيِّ محدود، والإمكانَ في حق المَلَك محدود إلى غاية في الكمال بالإضافة، كما أنه في حق البهيمة محدود إلى غاية في النقصان، وإنما الله سبحانه هو الذي لا يَتَنَاهَى العلمُ في حقه، ويفارق عِلمَنَا عِلْمُ الحقِّ تبارك وتعالى في شيئين: أحَدُهما انتفاءُ النهاية عنه، والآخَرُ أن العلوم ليست في حقه بالقوة والإمكان الذي يُنْتَطَرُ خروجُه بالوجود، بل هو بالوجود والحُضُور، فكل مُمْكِنٍ في حقه من الكمال فهو حاضرٌ موجود.
ثم هذه العلوم ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائِلُها خارجةً عن القرآن، فإن جميعها مُغْتَرَفَةٌ من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى، وهو بحرُ الأفعال، وقد ذكرنا أنه بحرٌ لا ساحلَ له، وأن البحر لو كان مداداً لكلماته لنَفِدَ البحر قبل أن تَنْفَد. فمن أفعال الله تعالى وهو بحرُ الأفعال مثلاً الشفاء والمرض، كما قال الله تعالى حكايةً عن إبراهيم عليه السلام:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} . وهذا الفعل الواحد لا يعرفه إلا من عرف الطِبَّ بكماله، إذ لا معنى للطب إلا معرفةُ