وأما العود: فهو عبارة عند الخلق عن جسم في الأجسام لا يُنتَفَع به ولكن إذا أُلقِيَ على النار حتى احترقَ في نفسهِ تصاعدَ منه دُخَانٌ مُنْتَشِر، فينتهي إلى المَشَامِّ فيَعْظُم نَفعُهُ وجَدْوَاه، ويَطِيبُ مَوْرِدُهُ ومَلْقَاه، فإن كان في المنافقينَ وأعداءِ الله أَظْلالٌ كالخُشُبِ المُسنَّدَة لا منفعة لها، ولكنْ إذا نزل بها عقابُ الله ونَكَالُه من صاعقةٍ وخَسْفٍ وزَلْزَلَةٍ حتى يحترقَ ويتصاعدَ منه دخان، فينتهي إلى مَشَامِّ القلوب، فَيَعْظُم نَفعُهُ في الحَثِّ على طَلَبِ الفِردَوْسِ الأَعلى، وجِوَارِ الحقِّ سبحانه وتعالى، والصَّرْفِ عن الضَّلالة والغفلة واتِّباع الهوى، فاسمُ العود به أحقُّ وأصدقُ أم لا؟ فَاكْتَفِ من شرح هذه الرموز بهذا القدر، واستنبِطْ الباقي من نفسك، وحُلّ الرَّمْزَ فيه إن أطَقْتَ وكنتَ من أهله.
فقد أسْمَعْتُ لَوْ نادَيْتُ حياً ... ولكنْ لا حياةَ لمن أُنادي