ولما أحدثت الأمة الإسلامية ما أحدثت وفرقوا دينهم، وتمردوا على أثمتهم، وخرجوا عليهم وكانوا شيعاً نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهب ريحهم، وتداعت عليه الأمم وصاروا غثاء كغثاء السيل.
وصار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم والغيرة على دين الله وترك العمل به ورأى كل فرد من أفراد الرعية نفسه أميراً أو بمنزلة الأمير المنابذ للأمير. فالواجب علينا جميعاً -رعاة ورعية-أن نقوم بما أوجب الله علينا من التحاب والتعاون على البر والتقوى، والاجتماع على المصالح
لنكون من الفائزين، وعلينا أن نجتمع على الحق ونتعاون عليه، وأن نخلص في جميع أعمالنا، وأن نسعى لهدف واحد هو إصلاح هذه الأمة إصلاحاً دينياً ودنيوياً بقدر ما يمكن، ولن يمكن ذلك حتى تتفق كلمتنا ونترك المنازعات بيننا والمعارضات التي لا تحقق هدفاً، بل ربما تفوت مقصوداً وتعدم موجوداً.
إن الكلمة إذا تفرقت، والرعية إذا تمردت، دخلت الأهواء والضغائن وصار كل واحد يسعى لتنفيذ كلمته وإن تبين أن الحق والعدل في خلافها وخرجنا عن توجيهات الله تعالى حيث يقول:} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقائه ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا