للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها" (١)

ومنها: أن العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه وكيف يعامل غيره، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة.

ومنها: أن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم، ولا يخفى على كثير من الناس قصة الرجل الذي من بني إسرائيل قتل تسعاً وتسعين نفساً فسأل رجلاً عابداً هل له من توبة. فكأن العابد أستعظم الأمر فقال: "لا" فقتله السائل فأتم به المئة، ثم ذهب إلى عالم فسأله فأخبره أن له توبة وأنه لا شيء يحول بينه وبين التوبة، ثم دله على بلد أهله صالحون ليخرج إليه

فخرج فأتاه الموت في أثناء الطريق، والقصة مشهورة (٢) فأنظر الفرق بين العالم والجاهل.


(١) رواه البخاري / كتاب العلم / باب الاغتباط في العلم والحكمة، ومسلم / كتاب المسافرين من كتاب الصلاة / باب من يقوم بالقرآن ويعلمه.
(٢) نص القصة: عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض؛ فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟ فقال: لا فقتله فكمل به امئة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم فقال: إنه قتل مئة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم؛ ومن يحول بينك وبين التوبة؟! أنطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فأعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها ارض سوء، فأنطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فأختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى! وقالت ملائكة العذاب، إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم-أي حكماً -فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة" وفي رواية الصحيح: فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها" وفي رواية في الصحيح: "فاوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي". وقال: "قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له". وفي رواية: "فنأى بصدره نحوها" أخرجه البخاري / كتاب الأنبياء/ باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم / كتاب التوبة / باب قبول توبة القاتل رقم {٤٦-٤٧-٤٨} جـ٤ ص ٢١١٨ ولمزيد من الفائدة راجع شرح فضيلة شيخنا على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين"جـ١ / كتاب التوبة حديث رقم (٢١) ولا يزال العمل فيها جارٍ.

<<  <   >  >>