للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا عرفت (١) أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا "كبير الإعتقاد" هو الشرك الذي نزل فيه القرآن، وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عليه، فأعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين أحدهما: أن الأولين لا يشركون ولا يدعون الملائكة والأولياء والأوثان مع الله إلا في الرخاء، وأما الشدة فيخلصون لله الدعاء كما قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) {سورة الإسراء، الآية: ٦٧} .

ــ

(١) قوله: "إذا عرفت" يعني علمت معنى العبادة وأن ما عليه أولئك المشركون في زمنه هو ما كان المشركون عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عرفت أن شرك هؤلاء أعظم من شرك الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين: -

الوجه الأول: -أن شرك هؤلاء يشركون بالله في الشدة والرخاء، وأما أولئك المشركون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يشركون في الرخاء ويخلصون في حال الشدة، كما قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه. . . . (الآية فكانوا إذا ركبوا في الفلك دعوا لله مخلصين له الدين لا يدعون غيره ولا يسألون سواه، ثم إذا أنجاهم إلى البر إذا هم يشركون، أو فريق منهم بربهم يشركون، فهذا هو وجه".

<<  <   >  >>