ولهم شبهة (١) أخرى وهي: قصة إبراهيم لما ألقي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، قالوا: فلو كانت الإستغاثة بجبريل شركاً لم يعرضها على إبراهيم؟ فالجواب: أن هذا من جنس الشبهة الأولى: فإن جبريل عرض عليه أن ينفعه بأمر يقدر عليه، فإنه كما قال الله تعالى فيه:{شديد القوى}[سورة النجم، الآية: ٥] فلو أذن الله له أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها من الأرض والجبال ويلقيها في المشرق أو المغرب لفعل، ولو أمره أن يضع إبراهيم في مكان بعيد عنهم لفعل، ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل، وهذا كرجل غني له مال كثير يرى رجلاً محتاجاً فيعرض عليه أن يقرضه، أو أن يهبه شيئاً يقضي به حاجته فيأبى ذلك الرجل المحتاج أن يأخذ ويصبر إلى أن يأتيه الله برزق لا منة فيه لأحد. فأين هذا من إستغاثة العبادة والشرك لو كانوا يفقهون؟!
ــ
بالله عز وجل، وهذا الأمر فيه خطورة وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله "إذا طلب الإنسان من شخص أن يدعو له أن ينوي بذلك نفع ذلك الغير بدعائه له، فإنه يؤجر على هذا وربما ينال ما جاء به الحديث أن الرجل إذا دعا لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة آمين ولك بمثلها.
(١) قوله: "ولهم شبهة أخرى وهي قصة إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار. . . إلخ". والجواب عن هذه الشبهة:
أن جبريل إنما عرض عليه أمراً ممكناً يمكن أن يقوم به فلو أذن الله لجبريل لأنقذ إبراهيم بما أعطاه الله تعالى من القوة فإن جبريل كما وصفه الله تعالى {شديد القوى}[سورة النجم الآية: ٥] فلو أمره الله أن يأخذ نار إبراهيم وما