وهذا يغلط فيه كثير من الناس يقولون: هذا حق ونحن نفهم هذا، ونشهد أنه الحق، ولكنا لا نقدر أن نفعله ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم، وغير ذلك من الأعذار (١) .
ولم يدر المسكين (٢) أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق، ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار كما قال تعالى {أشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً}[سورة التوبة، الآية: ٩] . وغير ذلك من الآيات كقوله:{يعرفونه كما يعرفون أبنائهم}[سورة البقرة، الآية: ١٤٦] .
ــ
(١) ... قوله:"وهذا يغلط فيه كثير من الناس. . . إلخ" يعني أن كثيراً من الناس يعرف الحق في هذا ويقولون نحن نعرف أن هذا هو الحق ولكننا لا نقدر عليه لمخالفته أهل بلدنا ونحو ذلك من الأعذار، وهذا العذر لا ينفعهم عند الله -عز وجل-، لأن الواجب على المرء أن يلتمس رضا الله عز وجل- ولو سخط الناس، وأن لا يتبع رضا الناس بسخط الله عز وجل، وهذا يشبه من يحتجون بما كان عليه آباؤهم وهم الذين حكى الله عنهم {وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون}[سورة الزخرف، الآية: ٢٣] .
(٢) قوله: "ولم يدر المسكين" أي المعدم من الفقه والبصيرة أن غالب أئمة الكفر كانوا يعرفون الحق لكنهم كانوا يعرفون الحق لكنهم عائدوا فخالفوا الحق كما قال تعالى:} الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم {وقال:} أشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً {فكانوا يعتذرون بأعذار لا تنفعهم كخوف بعضهم من فوات الرئاسة وتصدر المجالس ونحو ذلك.
فكثير من أئمة الكفار يعرفون الحق ولكنهم يكرهونه ولا يتبعونه، ومعرفة الحق دون العمل به أشد من الجهل بالحق، لأن الجاهل بالحق