أحلَّ لنا رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطيبات وحرَّمَ علينا الخبائث، فالمأكول والمشروب سُنَّة تشريعية من حيث الحِلِّ والحرمة، أما أنه أكل نوعاً من الحلال وترك غيرها يأكل نوعاً آخر، فالتشريع فيها الإباحة، إباحة ما أُكِلَ وما لم يُأْكَلْ مما لم يَنْهَ عنه.
وأما الأواني فقد نهى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الأكل والشرب في صحاف الذهب والفضة، ونهى عن الأكل في أواني الكفار إلا بعد غسلها. وهذا تشريع قطعاً.
أما أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكل في قصعة من الفخار ونحن نأكل في الأواني الفاخرة غير الذهبية والفضية فهذا من المُباحات. والإباحة تشريع.
وأما الهيئة:
فهناك هيئات مأمور بها وهيئات منهي عنها، وهيئات أخرى كثيرة مباحة، والكل تشريع. «يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» هيئة أكل مشروعة، و «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ»، أي الشرب من أفواهها هيئة ممنوعة شرعاً، أما أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكل بأصابعه ويده ونحن نأكل بالملاعق والشوك والسكاكين فهو من المباحات المشروعة.
فماذا في الأكل والشرب من السُنَّة غير التشريعية؟
إن قصدوا بالسُنَّة غير التشريعية في ذلك السُنَّة غير الملزمة، وهي المباحات كان الخلاف بيننا لفظياً.