وإن قصدوا ما هو مطلوب على وجه الوجوب أو الندب، وما هو منهي عنه على وجه الحرمة أو الكراهة فهو غير مُسَلَّم. ومثل ذلك يقال في النوم واللبس وكل ما هو خاص بالحاجة والطبيعة البشرية كما يقولون، حتى قضاء الشهوة مع الزوجة له قواعده وأصوله وحدوده المشروعة.
ولست أرى سُنَّةً تشريعية بالمعنى الحقيقي اللهم إلاَّ ما ورد فيما طريقه الخبرة والصنعة والتخصص كالزراعة والصناعة، ويمكن أن يلحق بها الطب وقيادة الجيوش وفن الحرب. وستأتي زيادة إيضاح إنْ شاء الله.
أما القائلون بالمصلحة كمصدر من مصادر التشريع فقد اشترطوا لها ألاَّ تُصادم نصاً من الكتاب أو السُنَّة الصحيحة، فهم أخذوا بمراعاة المصالح فيما لم يرد فيه قرآن أو حديث صحيح، أما ما ورد فيه قرآن أو حديث صحيح فالمصلحة فيما جاء به النص.
****
لكن الباحث اندفع من هذا الباب مُحَطِّماً كل الحواجز، ينادي: لا يقف في طريقي ولا في طريق ما أراه مصلحة أي حديث.
يستدل بكلام الإمام نجم الدين الطوفي الحنبلي المتوفى سنة ٧١٠ هـ حيث يقول: «إنَّ مصلحة سياسة المُكَلَّفين في حقوقهم معلومة لهم بحكم العادة والعقل، فإذا رأينا دليل الشرع متقاعداً عن إفادتها علمنا أنا أُحِلْنا في تحصيلها على رعايتها، كما أنَّ النصوص لما كانت لا تفي بالأحكام علمنا أنا