للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإن عليه الفدية إذا لبسه ولهذا طرد أبو حنيفة هذا القياس، وخالفه الأكثرون للحديث الصحيح١، ولأجل الفرق بين هذا وهذا، وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس؛ لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب، فلا يشرع لها ضد ذلك، لكن منعت أن تنتقب وأن تلبس القفازين؛ لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه.

وقد تنازع الفقهاء هل وجهها كرأس الرجل أو كبدنه؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره فمن جعل وجهها كرأسه، أمرها إذا سدلت الثوب من فوق رأسها أن تجافيه عن الوجه كما يجافي عن الرأس ما يظلل به، ومن


١ يعني قوله -صلى الله عليه وسلم:
"لا يلبس المحرم القمص، ولا العمائم، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين؛ فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه زعفران أو ورس".
متفق عليه، واللفظ للبخاري في "الحج" "رقم ١٥٤٢ -فتح"، وهو مخرج في "الإرواء" "١٠١٢".
قال الحافظ في "الفتح":
"وظاهر الحديث أنه لا فدية على من لبسهما إذا لم يجد نعلين، وعن الحنفية تجب. وتعقب بأنها لو وجبت لبينها النبي -صلى الله عليه وسلم؛ لأنه وقت الحاجة".
قلت: ويؤيده حديث ابن عباس أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب بعرفات:
"من لم يجد إزارًا؛ فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين؛ فليلبس خفين".
متفق عليه. وهو مخرج في "الإرواء" "١٠١٣".

<<  <   >  >>